بيع البيض ووأد الدجاجات

4:24 م / /

بيع البيض .. و .. و أد الدجاجات

ما الذي تحاوطيئه بيدك؟
... .... ....
توقف عند السؤال النداء!!
الحواس كلها تسمع – ترجف – ينبعث اللهيب من احمرار الأذنين. الحواس كلها تري تكاد تلتفت! لا تلتفت. تتسمر فى المكان، المكان فضاء ينوء بصرير الباب !!
تسكته "أم ربيع " و.. تنطلق لأصوات النبش والصياح تصغي .. تلتهم الرائحة التي تحبها. تنتشى تكاد ترق طرباً مع دجاجاتها. ثانياً يأتي صوت السؤال النداء!!
" ما الذي تحاوطينه بيديك، تحاولين أخفاءه!!
تتوقف ثانياً. تخشي أن تصطك الكرات البيضاء وتتهشم القشرات الجميلة، ترخي الثوب...
تنحني قليلاً، يتسع محيط الحجر تطمئن روحها وتقول:-
" أنه البيض .. بيض .. الدجاجات ..."
تتهدل طرحتها السوداء. تفصح حبات الترتر البيضاء عن عدد لأشياء أخريات بيضاء .. تهرع إلى العلبة الصفيح القديمة المرسوم عليها نخلتان باللون الأخضر،
تسير على أطراف الأصابع، برفق ترص البيضات .. تبقي بيضة واحدة أو أثنتين تمسك أطراف الثوب. تعبر إشارة الخوف. تمر مثل الطيف!
ينفخ " أبو ربيع" : إلى أين؟
ترتعش الأواني المعدنية هاربة من بين يديها. يضيع بينها صوتها
إلى المقلاة !!
( أقلي لك البيض ..) يدير الرجل رأسه للوراء يتنهد.
يزوم:
أحب لحم الدجاج !!
أكره أن تبيض !
فى الشروق .. وفي كل شروق تراقب الأفراخ أم ربيع هذا الخروج. يخرج أو ربيع. يتشرى بعضا من الحاجات يتقاهى مع الرفاق. تسحب أم ربيع العلبة الصفيح القديمة، تحملها برفق. تحتضنها، تحاوطها بطرحتها السوداء. تصعد سلمات ثلاث. تدق الجرس دقات ثلاث .. بيمناها تسلم باقي البيضات وبيسرها تقبض بعض الجنيهات!
.. إلى بابها تصعد سريعاً، تفتحه تدخل. تصر بمنديلها الأوراق الثمينة. تربط المنديل بإحكام.
... ... ...
فى الأمسيات !!
تستقبل أم ربيع زوجها ببشاشة . تهلل لقدومه. تضع له كوب الشاى كما يحب، تقدم له أقراص البيض المقلي المخلوط بالدقيق. تبتسم في وجهه !!
هل أحضرت طعام الدجاج !!
يقطب حاجبيه ويزوم: - نعم أحضرت !
تأخذ من بين يديه الطعام. ترميه بنظرة حانية، تشع من أسفل المنديل الجديد على عينى أبى ربيع، تبتسم يتأمل ألوان ثيابها يلمح أقراط الذهب المدلاة من أذنيها .. يسأل نفسه، يطرد التساؤلات سريعاً ... فطالما زوجته متجددة وناضرة .. فلا داعي أن يسأل.
... ... ...
فى الغروب وفي كل غروب !!
وبعد رحيل ربيع ... وانحسار الحجرتين عليهما !!
يترقب أبو ربيع خروج زوجته يسحب العلبة الصفيح القديمة المرسوم عليها النخلتين ... يدفعها ناحيته بقوة يحصى أزواج الكرات البيضاء زوج ... زوجين ... ثلاثة أزواج. أربعة ... يباعدها عنه. يعيدها إلى موضعها .. في كل غروب جديد ... تتغير شكل الكرات وحجمها!!
يسراه مستنده إلى أسفل ذقنه ..، يتساءل " لماذا تتغير كرات البيض" ؟
أبو ربيع يدخل كالمذعور إلى عش الدجاجات ... يسمح عرقه النابت بجبينه. يخاطبها فى الحظائر .. "أيتها الدجاجات اللعينة ... أيتها العدو اللدود من مالي.."
ينقض على واحدة. تطير باقي الدجاجات. يمسكها ويلفها بيديه ... يواصل خطابه لها" .. أيتها الدجاجات اللعينة .. من مالي تأكلين وتكبرين ... من بيضك يتآمر علي " تزعق الدجاجات .. يعلو الصياح .. يسد أبو ربيع الأفواه تهرول إليه أم ربيع، الي لم تعد تطلب من أيامها شيئاً سوي أن يرحم الدجاجات".
نشرت فى مجلة المنتدى
مايو1993م


التسميات: